الساعة الرابعة فجراً
قصة قصيرة : للكاتب / محمدصبَّاح
![]() |
قصة قصيرة - للكاتب / محمدصبَّاح |
كان المطر يهطل بغزارة حين وصل يوسف إلى القرية النائية، متأبطاً حقيبته الجلدية القديمة التي ورثها عن والده. لم يكن يعرف الكثير عن هذه القرية سوى أنها كانت مهجورة منذ سنوات، لكن رسالة غامضة وصلته عبر البريد قبل أسبوع قلبت كل شيء. الرسالة كانت مطوية بورق أصفر، مكتوب عليها بخطٍ متعجّل: “عد إلى بيت جدك… قبل فوات الأوان.”
الغريب أن جدّه مات منذ عشرين سنة.
شق يوسف طريقه عبر الأزقة الضيقة الموحلة، حتى وصل إلى البيت القديم المبني بالحجارة السوداء. الباب كان موارباً كأن أحدهم في انتظاره. دفعه ببطء، وصرير المفصلات شقّ صمت المكان.
دخل، والبرد يسري في عظامه. كل شيء في البيت كان كما يتذكره، حتى الغبار على الطاولة. لكنه لاحظ شيئاً غريباً: صورة قديمة له وهو طفل، موضوعة على الرف، لكنها لم تكن هناك في زيارته الأخيرة قبل سنوات. التقطها، وتحتها ورقة مكتوب عليها بخط يشبه خط والده: “الحقيقة خلف الجدار.”
ما الذي يعنيه ذلك؟
أخذ يوسف المصباح اليدوي وراح يفتش الجدار الحجري خلف الصورة، حتى لاحظ أن حجراً منه كان أفتح لوناً من البقية. ضغط عليه فاهتز، ثم اندفع للخلف كأنه يفتح ممرًا سريًا. تسارع قلبه، وتردد لحظة، ثم دخل.
الممر كان ضيقاً ومظلماً، تفوح منه رائحة تراب قديم ورطوبة. بعد خطوات قليلة، وجد باباً خشبياً صغيراً، فتحه فوجد نفسه في غرفة ضيقة لا تحوي سوى صندوق حديدي كبير عليه قفل قديم. حاول فتحه فلم يستطع، لكن عند قدميه كانت هناك مفاتيح صدئة، اختار أحدها وأدخله في القفل.
انفتح الصندوق ببطء… ليجد داخله شيئاً لم يكن يتوقعه أبداً.
كانت هناك مجموعة من الوثائق الرسمية، وأشرطة تسجيل صوتية، وصور بالأبيض والأسود لأشخاص لا يعرفهم، بينهم صورة لرجل يشبهه تماماً… لكن عمره على الأقل ثمانون عاماً.
سمع صوتاً خلفه، فالتفت بسرعة. لم يكن هناك أحد.
ثم جاءه الصوت مرة أخرى، هذه المرة أقرب… صوت رجل عجوز يقول:
“لم يكن من المفترض أن تأتي… الآن سيبدأ كل شيء من جديد.”
أطفئ المصباح فجأة
![]() |
الكاتب / محمدصبَّاح |