recent
أخبار ساخنة

عجائب عمارة 99.. عندما تتحول العمارة إلى مرآة خيالية لواقعنا

عجائب عمارة 99.. عندما تتحول العمارة إلى مرآة خيالية لواقعنا

رواية عجائب عمارة 99 للكاتب محمد صبَّاح 

في عمل أدبي جديد يزخر بالدهشة والتأمل، يُطل الكاتب محمد صبَّاح على قرّائه برواية بعنوان “عجائب عمارة 99”، وهي رواية تمزج بين الواقع والخيال بأسلوب سردي مبتكر، يضع القارئ أمام أسئلة وجودية واجتماعية وفكرية تتخطى حدود الجدران الإسمنتية التي نعرفها.


عمارة غير عادية في حي مألوف


تدور أحداث الرواية داخل عمارة تُعرف بـ”عمارة 99”، تبدو للوهلة الأولى كأي بناية سكنية تقليدية، لكنها في الواقع عالم كامل، تنبض كل شقة فيه بحكاية مختلفة، وتخفي خلف أبوابها أسرارًا ومفارقات تشبه الأساطير أحيانًا وتُحاكي الواقع أحيانًا أخرى. العمارة هنا ليست مكانًا فحسب، بل بطلًا من أبطال الرواية، تمثّل انعكاسًا حيًا لمجتمع صغير يضم شخصيات تمثل أطيافًا متعددة من الواقع المصري والعربي.

 ما بين الواقعية السحرية والرمز الاجتماعي

بأسلوب يجمع بين الواقعية السحرية والرمزية الاجتماعية، يصوغ محمد صبَّاح قصص سكان العمارة، بدءًا من العجوز الذي لا ينام، مرورًا بالرسامة التي ترسم جدران شقتها بدقة أحلامها، إلى الموظف الغامض الذي لا يُرى إلا في منتصف الليل. كل شخصية تعيش تجربة “عجيبة” تعكس مأزقًا إنسانيًا أو تناقضًا مجتمعيًا ما، دون أن تفقد الرواية خيطها الواقعي، ما يجعل القارئ يتساءل باستمرار: هل ما أقرأه خيال أم واقع متخيَّل؟

 إسقاطات فلسفية دون وعظ مباشر

ما يميز الرواية هو قدرة الكاتب على إدراج تساؤلات فلسفية حول الهوية، العزلة، الطموح، والزمن دون الوقوع في فخ التنظير أو المباشرة. فالعجائب التي تحدث داخل عمارة 99 ليست صاخبة، بل هادئة، تنخر في روح الشخصيات وتعيد تشكيل قناعاتهم وحياتهم. ويبدو أن الكاتب يقترح علينا أن “العجائب” ليست بالضرورة خارقة للطبيعة، بل قد تكون نظرتنا الجديدة للأشياء.

 لغة سردية محكمة وإيقاع مشوّق

تميز محمد صبَّاح، كما في أعماله السابقة، بلغة عربية سلسة تنبض بالحيوية والتشويق، مع استخدام بارع للحوار الداخلي والوصف الحسي. كما راوح بين مشاهد ذات إيقاع سريع وأخرى تأملية، تُمكّن القارئ من الغوص في أعماق الشخصيات كما لو كان يسكن معهم داخل العمارة.

 رواية تستحق القراءة

“عجائب عمارة 99” ليست مجرد رواية عن سكان عمارة، بل هي رحلة أدبية داخل عمق النفس الإنسانية، وتفكيك غير مباشر للمجتمع الذي نعيش فيه. إنها عمل يفرض على القارئ التوقف، والتفكر، وربما إعادة النظر في حياته الخاصة.


في زمن تتكاثر فيه الروايات وتتشابه، ينجح محمد صبَّاح في كتابة رواية تُدهشك دون ضجيج، وتُحركك دون أن تدفعك.. وهذا، في رأيي، هو جوهر الأدب الحقيقي.

الكاتب / محمد صبَّاح 



author-img
الاعلامي محمد صباح

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent